التكملة:
(يوميات جرح فلسطيني)
" رباعيات مهداة الى فدوى طوقان "
(1)
نحن في حل من التذكار فالكرمل فينا
وعلى أهدبنا عشب الجليل
لا تفولي : ليتنا نركض كالنهر اليها لا تقولي
نحن في لحم بلادي, وهي فينا
(2)
لم نكن قبل حزيران كأفراخ الحمام
ولذا لم يتفتت حبنا بين السلاسل
نحن يا أختاه من عشرين عام
نحن لا نكتب أشعاراً ولكنا نقاتل!
(3)
ذلك الظل الذي يسقطفي عينيك
شيطان إله
جاء من شهر حزيران لكي يعصب –
بالشمس الجباه
انه لون شهيدٍ
انه طعم صلاةً
انه يقتل أو يحيي, وفي الحالتين: آه!
(4)
أول الليل على عينيك كان
في فؤادي قطرة من آخر الليل الطويل
والذي يجمعنا الساعة في هذا المكان
شارع العودة ..... من عصر الذبول!
(5)
صوتك الليلة سكين وجرح وضماد
ونعاس جاء من صمت الضحايا
أين أهلي؟ خرجوا من خيمة المنفي وعادوا
مرة أخرى سبايا
(6)
كلمات الحب لم تصدأ ولكن الحبيب
واقع في الأسر – ياحبي الذي حملني
شرفات خلعتها الريح .. أعتاب بيوت وذنوب
لم يسع قلبي سوى عينيك في يوم من الايام
والآن اغتنى بالوطن!...
(7)
وعرفنا ما الذي يجعل صوت القبره
خنجرا يلمع في وجه الغزاه
وعرفنا ما الذي يجعل صمت المقبره
مهرجاناً وبساتين حياه!
(
عندما كنت تغنين رأيت الشرفات
تهجر الجدران والساحة ترتد الى
خضر الجبل
لم نكن نسمع موسيقى ولا نبصر لون الكلمات
كان في الغرفة مليون بطل !
(9)
في دمي من وجهه صيف ونبض مستعار
عدت خجلان الى البيت, فقد خر على –
جرحي شهيدا
كان مأوى ليلة الميلاد كان الانتظار
وأنا أقطف من ذاكراه عيدا
(10)
الندى والنار عيناه, اذا ازددت –
اقترابا منه ... غنى
وتبخرت على ساعده لحظه صمت وصلاه
آه سميه كما شئت شهيدا
إنه اجمل منا
غادر الكوخ فتىً ثم اتى حين أتى
وجه إله!
(11)
هذه الأرض التي تمتص جلد الشهداء
تعد الصيف بقمح وكواكب
فاعبديها نحن في احشائها ملح وماء
وعلى أحضانها جرح ... يحارب
(12)
دمعتي في الحلق يا أخت, وفي عيني –
نار
وتحررت من الشكوى على باب الخليفه
كل من ماتوا, ومن سوف يموتون على –
باب النهار
عانقوني, صنعوا مني قذيفة!
(أربعة عناوين شخصية)
1 - متر مربع في السجن
هو البابُ، ما خلفه جنَّةُ القلب. أشياؤنا
- كُلُّ شيء لنا - تتماهى. وبابٌ هو الباب،
بابُ الكنايةِ، باب الحكاية. بابٌ يُهذِّب أيلولَ.
بابٌ يعيد الحقولَ إلى أوَّل القمحِ.
لا بابَ للبابِ لكنني أستطيع الدخول إلى خارجي
عاشقًا ما أراهُ وما لا أراهُ
أفي الأرض هذا الدلالُ وهذا الجمالُ ولا بابَ للبابِ؟
زنزانتي لا تضيء سوى داخلي..
وسلامٌ عليَّ، سلامٌ على حائط الصوتِ
ألَّفْتُ عشرَ قصائدَ في مدْح حريتي ههنا أو هناك
أُحبُّ فُتاتَ السماءِ التي تتسلل من كُوَّة السجن مترًا من الضوء تسبح فيه الخيول،
وأشياءَ أمِّي الصغيرة..
رائحةَ البُنِّ في ثوبها حين تفتح باب النهار لسرب الدجاجِ
أُحبُّ الطبيعةَ بين الخريفِ وبين الشتاءِ
وأبناءَ سجَّانِنا، والمجلاَّت فوق الرصيف البعيدِ
وألَّفْتُ عشرين أُغنيةً في هجاء المكان الذي لا مكان لنا فيهِ
حُرّيتي: أن أكونَ كما لا يريدون لي أن أكونَ
وحريتي: أنْ أوسِّع زنزانتي: أن أُواصل أغنيةَ البابِ
بابٌ هو البابُ: لا بابَ للبابِ
لكنني أستطيع الخروج إلى داخلي، إلخ.. إلخ..
2- مقعدٌ في قطار
مناديلُ ليست لنا
عاشقاتُ الثواني الأخيرةِ
ضوءُ المحطة
وردٌ يُضَلِّل قلبًا يُفَتِّش عن معطفٍ للحنانِ
دموعٌ تخونُ الرصيفَ. أساطيرُ ليست لنا
من هنا سافروا، هل لنا من هناك لنفرحَ عند الوصول؟
زنابقُ ليست لنا كي نُقَبِّل خط الحديد
نسافر بحثًا عن الصِّفْر
لكننا لا نحبُّ القطارات حين تكون المحطات منفى جديدًا
مصابيحُ ليستْ لنا كي نرى حُبَّنا واقفًا في انتظار الدخانِ
قطارٌ سريعٌ يَقُصُّ البحيراتِ
في كُل جيبٍ مفاتيحُ بيتٍ وصورةُ عائلةٍ
كُلُّ أهلِ القطارِ يعودون للأهلِ، لكننا لا نعودُ إلى أي بيتٍ
نسافرُ بحثًا عن الصفرْ كي نستعيد صواب الفراش
نوافذُ ليستْ لنا، والسلامُ علينا بكُلِّ اللغات
تُرى، كانت الأرضُ أوضحَ حين ركبنا الخيولَ القديمةَ؟
أين الخيول، وأين عذارى الأغاني، وأين أغاني الطبيعة فينا؟
بعيدٌ أنا عن بعيديَ
ما أبعد الحبّ! تصطادنا الفتياتُ السريعاتُ مثل لصوصِ البضائعِ
ننسى العناوين فوقَ زجاج القطاراتِ
نحن الذين نحبُّ لعشر دقائقَ لا نستطيع الرجوعَ إلى أي بيتٍ دخلناه
لا نستطيع عبور الصدى مرتين
3 - حجرة العناية الفائقة
تدورُ بيَ الريحُ حين تضيقُ بيَ الأرضُ
لا بُدَّ لي أن أطيرَ وأن ألجُمَ الريحَ
لكنني آدميٌّ.. شعرتُ بمليون نايٍ يُمَزِّقُ صدري
تصبَّبْتُ ثلجًا وشاهدتُ قبري على راحتيَّ
تبعثرتُ فوق السرير
تقيَّأت
غبتُ قليلاً عن الوعي
متُّ
:وصحتُ قبيل الوفاة القصيرةِ
إني أحبُّكِ، هل أدخل الموت من قدميكِ؟
ومتُّ.. ومتُّ تمامًا
فما أهدأ الموت لولا بكاؤك
ما أهدأ الموتَ لولا يداكِ اللتان تدقّان صدري لأرجع من حيث متُّ
أحبك قبل الوفاةِ، وبعد الوفاةِ
وبينهما لم أُشاهد سوى وجه أمي
:هو القلب ضلَّ قليلاً وعادَ، سألتُ الحبيبة
في أيِّ قلبٍ أُصبتُ? فمالتْ عليه وغطَّتْ سؤإلى بدمعتها
أيها القلب.. يا أيها القلبُ كيف كذبت عليَّ وأوقعتني عن صهيلي؟
لدينا كثير من الوقت، يا قلب، فاصمُدْ
ليأتيك من أرض بلقيس هدهدْ
بعثنا الرسائل
قطعنا ثلاثين بحرًا وستين ساحلْ
وما زال في العمر وقتٌ لنشرُد
ويا أيها القلب، كيف كذبتَ على فرسٍ لا تملُّ الرياحَ
تمهَّل لنكملَ هذا العناقَ الأخيرَ ونسجُدْ
:تمهَّل.. تمهَّلْ لأعرفَ إن كنتَ قلبي أم صوتَها وهي تصرخ
خُذني